عميد شرطة (م) عمر عثمان يكتب: من يسير ببطء !!

كما جاء في المثل الإيطالي “من يسير ببطء يسير بثقة ويصل بعيدًا”، يمكننا أن نلمس حقيقة عميقة عن أهمية الصبر والتروي في مواجهة التحديات. فحينما نواجه الصعاب، قد نميل أحيانًا إلى التفكير أن السرعة هي الحل، لكن المثل يعلمنا أن التأنّي والتخطيط المدروس هما من يحققان النجاح الحقيقي على المدى الطويل. هذه الفكرة تنطبق بشكل كبير على ما مرّت به بلادنا خلال هذه الحرب في مواجهة مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية.
عندما كنا نقول بأن الانتشار السريع والواسع لمليشيا الدعم السريع لا يعني بالضرورة السيطرة، كنا نعي تمامًا أن هذه الفورة لن تدوم طويلاً. كان الأمر بالنسبة لنا مثل “فورة لبن”، تظهر سريعًا ثم تختفي بنفس السرعة. الانتشار الواسع قد يكون ظاهرًا للعيان، لكنه لا يعكس بالضرورة قوة حقيقية أو قدرة على الصمود. فالمليشيا قد تكون سريعة في التحرك، لكنها تفتقر إلى الإستراتيجية والقدرة على البقاء.
في المقابل، حينما بدأ بعض الناس يتساءلون عن تأخر تحركات الجيش ويعتقدون أن هذا قد يكون مؤشر على الهزيمة، كنا ندرك تمامًا أن هذا التأخير ليس ضعفًا أو ترددًا. كان الجيش يسير ببطء، لكن بثقة. لم يكن البطء ناتجًا عن عجز، بل كان نتيجة لاستراتيجية مدروسة بعناية، إذ أن التحرك بحذر هو ما يضمن النجاح في النهاية. فالمهم ليس الوصول السريع، بل التأكد من أن كل خطوة محسوبة بشكل دقيق لتحقيق الهدف النهائي.
الجيش لم يكن يسعى لتحقيق نصر سريع، بل كان يراهن على الاستقرار الدائم. وهذا هو الفارق بين السرعة العشوائية والتخطيط المدروس. ربما الطريق طويل، ولكننا كنا نعلم أن النصر لن يأتي إلا بالثبات والصبر، وأن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على التمسك بالأرض، لا في الوصول السريع.
في النهاية، كان الصبر هو سلاحنا. ومع مرور الوقت، أثبتنا أن الجيش قادر على استعادة السيطرة على كل شبر من أرض السودان، لأننا كنا نعرف تمامًا أن “من يسير ببطء يسير بثقة ويصل بعيدًا”.
٣٠ يناير ٢٠٢٥م




