حرب السودان.. اثر الدور الإقليمي

تقرير: الشعب
يشهد السودان واحدة من أعقد أزماته السياسية والعسكرية، حيث تقف البلاد على شفا الانهيار بسبب الحرب المفتوحة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، في ظل تدخلات إقليمية متعددة تتسابق على النفوذ، وتفرض أجندات متضاربة على أطراف الصراع.
وفي هذا المشهد المتأزم، تلعب بعض الدول الإقليمية أدوارًا محورية، بين من يسعى للتهدئة ودعم الحل السياسي، ومن تورط بدعم طرف على حساب آخر. ويبرز الدور الإثيوبي كنموذج لتناقض السياسات، وتراجع التأثير.
مصر والسعودية
منذ بداية النزاع، تبنّت القاهرة موقفًا واضحًا يدعو إلى وحدة السودان واستقراره. وقد استضافت مصر قيادات من القوى السياسية والمدنية السودانية، مؤيدةً للحل السياسي ورافضةً لأي تدخلات خارجية تزيد من تعقيد الأزمة.
أما الرياض، فقد تصدرت جهود الوساطة عبر مباحثات جدة التي جمعت الطرفين السودانيين، وركّزت في تدخلها على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، مع الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية.
الإمارات والميليشيا
في المقابل، تواجه الإمارات العربية المتحدة انتقادات واسعة من أطراف سودانية ودولية، تتهمها بدعم ميليشيا الدعم السريع بالمال والسلاح. وتسعى أبوظبي، حسب مراقبين، إلى تعزيز وجودها في منطقة البحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية، ما أثار تساؤلات حول حيادها وموقفها من مستقبل السودان
إثيوبيا دعم لوجستي
كانت أديس أبابا لسنوات مقراً رئيسياً لاحتضان القوى السياسية السودانية المعارضة، لكن مع تفاقم الحرب، فقدت إثيوبيا هذا الدور، بعد أن تحولت إلى معبر لوجستي لميليشيا الدعم السريع، ما أفقدها الثقة كموقع توافقي محايد.
وتنتهج إثيوبيا سياسة توصف بـ”مسك العصا من المنتصف”؛ إذ تتقاضى مقابلاً مالياً مقابل فتح المعابر على الحدود، في الوقت نفسه تتودد إلى الحكومة في بورتسودان، خوفًا من فتح ملفات حساسة، أبرزها:
• النزاع الحدودي في منطقة الفشقة
• ووجود مجموعات إثيوبية متمردة على نظام رئيس الوزراء آبي أحمد على امتداد الحدود السودانية
هذا التناقض أضعف مكانة إثيوبيا الإقليمية، وقلّص من قدرتها على لعب دور فاعل في مسار السلام.
التدخلات تُطيل أمد الحرب
يرى مراقبون أن استمرار التدخلات الإقليمية، لا سيما المنحازة منها، لا يخدم السلام في السودان، بل يُكرّس الانقسام، ويؤدي إلى إطالة أمد الحرب، ويفقد أي مبادرة إقليمية أو دولية المصداقية أمام السودانيين.
ومن دون توافق دولي وإقليمي حقيقي، لن يُكتب لأي مبادرة نجاح، بل ستتحول الأدوار الإقليمية إلى أدوات لإدارة الأزمة وليس حلها.
توصيات وتحذير
في ضوء التطورات المتسارعة، يوصي محللون وخبراء إقليميون بما يلي:
• ضرورة التزام كل الدول بعدم التدخل العسكري أو اللوجستي في النزاع.
• دعم الحلول السودانية التي تعبّر عن تطلعات الشعب، لا مصالح العواصم.
• مراجعة دور بعض “الوسطاء” الذين فقدوا الحياد.
• إنشاء آلية رقابة دولية وإقليمية لضمان وقف التمويل والتدخلات الخارجية.
السودان اليوم يقف على مفترق طرق، والرهان على الدعم الإقليمي لم يعد ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية.
فإما أن تُصوّب المنطقة بوصلتها باتجاه دعم سلام حقيقي ومستدام، أو أن يتحول السودان إلى ساحة مفتوحة لحروب الوكالة، يدفع ثمنها الأبرياء، وتشتعل تبعاتها على امتداد ا




