أسامه عبد الماجد يكتب: آمنة.. هل أياد أمينة ؟

0 بعيداً عن البعد الجندري في تعيين السيدة آمنة ميرغني الطويل كأول امرأة تتولى منصب محافظ بنك السودان المركزي.. أو عن خبرتها الطويلة داخل أروقة المركزي كمختصة في السياسة النقدية.. يبدو أن تعيينها قد تم دون إخضاعه لفحص دقيق أو مشاورات واسعة.. على نحو يشبه ما حدث في التعيين غير الموفق لنائب المحافظ المقال.. الذي أُعفي من منصبه بعد نحو ثلاثة أشهر فقط من تعيينه.. في سابقة نادرة في تاريخ الجهاز المصرفي السوداني.
0 عندما اندلع تمرد المليشيا الارهابية بقيادة أولاد دقلو.. كانت السيدة آمنة تشغل منصب مديرة مطبعة العملة.. ورغم حساسية الموقع وخطورته في مثل هذه الظروف.. لم تتخذ خطوات فاعلة لحماية المنشأة أو تأمين الأصول المالية.. وقد نجد لها العذر لان مالحق بالمطبعة من نخب ودمار طال كل مؤسسات الدولة بالعاصمة.. ولكنها اختارت التواجد في دولة الإمارات.. لولا تدخل اثنين من كوادر المطبعة الوطنيين.. كادت الدولة أن تواجه انهياراً شاملاً بعد أن سيطرت الميليشيا على البنوك.. ونهبت الأموال، واستولت على المطبعة بكل ما فيها من عملات جاهزة وغير جاهزة للتداول.
0 أحد مساعديها بقي في الخرطوم محاولًا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وعندما عجز انتقل لاحقاً إلى مدينته بورتسودان، ومن الثغر بدأ التواصل مع المطابع الخارجية التي كانت بطرفها اموالاً سودانية.. ورغم الأمان في بورتسودان ظلت السيدة آمنة في مأمن بالخليج وكأن الأمر لا يعنيها.. ولم تكلف نفسها ان تكون ضمن الفريق الوطني المدني المقاتل الذي اختار الثغر مقراً لادارة معركة الخدمة المدنية.. في لحظات مفصلية كان الوطن في حاجه لكل ابنائه.
0 وحتى بعد ان تكشفت خيوط المؤامرة وعرف العالم حقيقة من يقف وراء المليشيا ويمولها.. طاب المقام لآمنه هناك رغم حساسية موقعها وأهميته.. ومع ذلك لم تتحرك اي جهة لايقاف العبث.. حتى عندما تفاقمت أزمة قديمة للسودان بالخليح ، حاول نائبها التدخل لمعالجتها، بينما اختارت هي الانسحاب من المشهد.. وكأني بها جالسه على ضفة النهر تنتظره يحمل لها والجماعة هناك جثة البرهان وحكومته.. وفي الأهان ان أزمة السيولة كانت واحدة من العوامل التي لف بها خصوم المشير البشير الحبل حول رقبته.
0 ماحدث يعزز الشكوك حول لعب ادوار مشبوهة في سياق خطة أوسع لتقويض الاقتصاد الوطني وإعادة إنتاج أزمة السيولة.. ولم تتعظ القيادة في بورتسودان.. ولم تنتبه في ذروة الأزمة، عندما كانت تنتظر رأياً فنياً من آمنه حول إمكانية طباعة العملة لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار الذي بدات علاماته في الظهور بوجود شح في السيولة.. تأخرت آمنة في اتخاذ القرار، وربما كانت تتعمد التلكؤ ما تسبب في إرباك كبير داخل مؤسسات الدولة.. سيما وان القيادة كانت منشغلة بالمعركة العسكرية.. واضطر مساعدها “شيال التقيلة” إلى التحرك مجدداً وبسرعة وفي هدوء لضبط الوضع.. وسيسجل له هذا الموقف كعمل وطني سيذكره له التاريخ.
0 اما الموضوع الأخطر فان الحكومة لو عادت خطوة إلى الوراء وتقصت قبل التعيين.. فستكتشف أن شخصية مثيرة للجدل تمكنت من التسلل إلى داخل بنك السودان.. وعبر بوابة السيدة آمنة وصلت إلى معلومات غاية في الحساسية، وعرفت مفاصل البنك.. هذه الشخصية كانت تحظى باهتمام خاص من آمنة، بشكل لافت للنظر، مما أثار تساؤلات لم تتوفر لها إجابات حتى اليوم.
0 لاحقاً، كشفت الأجهزة الأمنية زيف الشهادات الأكاديمية، للشخصية المثيرة للجدل.. إذ تبين أنها تدعي حمل شهادة دكتوراة من جامعة أمريكية دون وجود ما يثبت ذلك.. ولم تقدم آمنة حينها إجابات واضحة حول ملابسات تغلغل تلك الشخصية في المركزي أو مدى مسؤوليتها عن ماحدث.. ومع ذلك لم تطال آمنه اي اجراءات وكأن جهات ما كانت توفر لها الدعم والحماية.. حيث لم يُشهر سيف الحسم في وجهها.
0 لم يكن سراً ما كان يُشاع أن قائد المليشيا الارهابية ، قد وضع “خطاً أحمر” حول آمنة حين كانت مديرة لمطبعة العملة.. ولعله لذلك بينما كانت البلاد تحترق بنيران الحرب.. مكثت آمنة بالخليج وطاب لها المقام حتى بلوغ سن التقاعد.. ثم انتقلت لمنصب مصرفي بارز في ليبيا.
0 المحير في الامر رغم ما جرى مع نائب المحافظ السابق “المقال”.. لم تتعامل الحكومة مع المناصب الحساسة في مؤسسات الدولة.. وبالأخص البنك المركزي، بالقدر الكافي من التمحيص والتروي.. وهو أمر مؤسف في ظل الظروف الوطنية الحرجة التي تتطلب تقديم الكفاءات الوطنية ذات السجل النظيف والدور الفاعل في حماية البلاد ومقدراتها.. وباعلاء القومية على الذاتية، واختيار أصحاب السهم في المعركة الوجودية لاسترداد كرامة وعزة الشعب السوداني،في مواجهة الجنجويد.. ولذلك السؤال الذي يطرح نفسه الآن ويحتاج إلى إجابة صريحة من اختار آمنة ؟.
0 ومهما يكن من امر.. فبمعرفة الإجابة يمكن فهم الكثير مما يجري خلف الكواليس، خاصة ما يتعلق بالملفات الحساسة مثل الذهب.. الذي يعد أحد أبرز أسباب الصراع والحريق الذي أصاب بلادنا.
الإثنين 13 اكتوبر 2025 osaamaaa440@gmail.com