وزير عدل اسبق يصدر فتوى قانونية مثيرة بشأن مراسيم لـ (البرهان)

متابعة: الشعب
اصدر سعادة الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان مؤخرا مراسيم سميت (دستورية) بتعيين رئيس وزراء وباضافة عضوين لمجلس السيادة الموقر.
تتخلص ملاحظاتي في النقاط الاتية:
١/ سميت المراسيم بمراسيم (دستورية) وهذا خطأ كبير لانه لاتوجد اداة قانونية الان بذلك المسمى.
المراسيم الدستورية هي تلك المتعلقة باحكام دستورية وهذه المراسيم مجرد قرارات تنفيذية صدرت بموجب اداة اعلى درجة هي الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية.
المراسيم الدستورية تصدر في الفترات الانتقالية السابقة لاصدار دستور كما كان الحال في العهد المايوي قبل اجازة دستور ١٩٧٣ الدائم.. وكذلك اثناء الفترة السابقة لاصدار دستور ١٩٩٨ في ظل ثورة الانقاذ الوطني.. اذ كانت البلاد تحكم بمراسيم دستورية بلغ عددها ١٤ مرسوما شكلت فيما بعد المادة الخام لدستور ٩٨ والغيت بمجرد اصداره.
وفي ظل دستور ٩٨ وخلفه دستور ٢٠٠٥ كانت الصيغ القانونية للتدابير الصادرة من رئاسة الجمهورية تنحصر في الصيغ الاتية:
١/ المراسيم المؤقتة وهي التشريعات التي يسنها راس الدولة في غياب البرلمان
٢/ المراسيم الجمهورية وهي قرارات تنفيذية رفيعة المحتوى مثل تعيين الوزراء واعفائهم.
٣/ قرارات جمهورية تتعلق بممارسة الرئيس لصلاحيات مفوضة له بموجب قوانين وتكون اقل شانا من حيث الموضوع من المراسيم الجمهورية ذات الطبيعة السيادية.
اذن المراسيم الصادرة اخيرا وماسبقها لاتعدو ان تكون مراسيم او قرارات صادرة من مجلس السيادة ويمكن تسميتها وفق القواعد الفنية الصياغية حسب موضوعها او برقمها فيكون الاسم هو (مرسوم رقم كذا بتعيين رئيس مجلس الوزراء) او بنسبة المرسوم الى الجهة الصادر منها وهي مجلس السيادة فنقول (مرسوم سيادي ب. ..) هذه الملاحظة لاتتعلق بمسالة شكلية بل لها جانب جوهري وهو مراعاة التدرج في قوة القاعدة القانونية بحيث تكون القاعدة الدستورية هي الاعلى ثم تليها القاعدة القانونية ثم اللائحة ثم القرار.
مساواة قرار تنفيذي اقل درجة بالقاعدة الدستورية الممثلة في الوثيقة الدستورية وهي الدستور السائد الان فيه خلل جوهري لأنه يجعل القرار التنفيذي في مصاف وقوة الدستور .
٢/الملاحظة الثانية وهي الاهم ان المراسيم قد صدرت من سيادة رئيس المجلس والمفترض ان تصدر من مجلس السيادة لانه هو الذي يملك بموجب الوثيقة سلطات تعيين رئيس الوزراء واضافة او اعفاء اعضاء بالمجلس لاتوجد بالوثيقة احكام تمنح رئيس المجلس صلاحيات مستقلة عن المجلس.
صحيح انه هو الذي يوقع على المرسوم لكن ذلك نيابة عن المجلس لذا فصدر المرسوم ينبغي ان يكون (مراسيم مجلس السيادة).
للاسف لم تنشر المراسيم بذات نصوصها لكن علم الناس بها عبر خبر صدر من اعلام مجلس السيادة وجاء في الخبر ان السيد رئيس المجلس هو الذي اصدر المراسيم المذكورة .
٣/ الملاحظة الثالثة تتعلق بنص المادة (١١) من الوثيقة الدستورية تعديل ٢٠٢٥.. في شان تشكيل مجلس السيادة الانتقالي وقد جاء فيها ان المجلس يتكون من ١١ عضوا، (٦) منهم يرشحهم
المادة ١١ بعد تعديلها تنص على ان مجلس السيادة يتكون من (١١) عضوا (تعين القوات المسلحة) ستة منهم وترشح اطراف اتفاقية جوبا ثلاثة واثنان لتمثيل المراة والاقاليم.
رغم ان النص الرسمي المعتمد في الجريدة الرسمية يتحدث عن ١١ عضو لكن في لقاء للسيد نائب رئيس المجلس اوضح ان هناك خطأ وان العدد الكلي هو ٩ اعضاء واذا صح هذا القول فكان ينبغي تعديل النص المنشور وهذا يعني ان يكون ممثلو القوات المسلحة بمافيهم الرئيس ٤ اعضاء واطراف جوبا ٣ والاثنان المتبقين للمراة والاقاليم وبتعيين سيدتين امس من وسط البلاد وشرقها تكون عضوية المجلس قد اكتملت اما اذا لم يعدل النص الحالي وبقي العدد ١١ فهذا يجيز للقوات المسلحة تعيين عضوين اخرين وبذا يرتفع تمثيل العسكريين الى ٦ بدلا عن ٤ اعضاء.
ونلاحظ ان الوثيقة اوكلت للقوات المسلحة تعيين الاعضاء دون ان تحدد الالية لذلك.
هذه الملاحظات رغم انها تبدو للوهلة الاولى شكلية لكنها ليست كذلك فهي تتعلق بدستور البلاد وهو القانون الاسمى والمفترض فيه ان يكون محكم الصياغة دقيق المصطلح جيد السبك خالي من الابهام والتناقض لما يترتب عليه من اثار عميقة.
اضف لذلك ان المراسيم موضع هذه الملاحظات تتعلق بمسائل جوهرية هي عضوية مجلس السيادة ورئاسة مجلس الوزراء.
الذي نقترحه ان تصحح هذه الاوضاع باعادة صياغة المراسيم الصادرة قبل نشرها في الجريدة الرسمية وبحيث تحذف صفة (دستورية) وتصدر باسم مجلس السيادة مع توقيع رئيس المجلس عليها نيابة عنه.
وان يحسم الخلل والخلط في ما يتعلق بعدد اعضاء المجلس.
د.محمد احمد سالم
وزير العدل الاسبق
 
				



