الاخبار

نداء من العالم د. عصام البشير إنقاذاً للفاشر وصوناً لوحدة السودان

متابعة: الشعب

 

وجّه وزير الأوقاف والإرشاد الأسبق ،نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأسبق الداعية الدكتور عصام أحمد البشير نداءً عاجلاً إلى الشعب السوداني وقواه الحية، مطالباً بالتحرك الوطني الشامل لإنقاذ مدينة الفاشر من الكارثة الإنسانية التي تعيشها بسبب ميليشيا أولاد دقلو وما ارتكبته من انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، واعتبر ما يجري جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب التوثيق والمحاسبة الدولية. ودعا لتعبئة وطنية شاملة لتأمين الممرات الإنسانية ودعم المتضررين.
وتحرك حكومي وعسكري عاجل لإعادة فرض سيادة الدولة وحماية المدنيين واسترداد المبادرة الميدانية.

“الشعب” تنشر نص البيان

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ القويِّ العزيزِ، ناصرِ المظلومينَ، وقاصمِ الجبّارِينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ الرحمةِ المهداةِ، وعلى آلهِ وصحبِهِ ومن والاه.

يا أهلَ السُّودانِ الأحرارِ، يا أبناءَ هذا الوطنِ العظيمِ:

لقد صمدَ شعبُنا في الفاشرَ صمودًا بطوليًّا خلال حصارٍ ظالمٍ وتجويعٍ ممنهجٍ امتدَّ أكثرَ من ثمانيةَ عشرَ شهرًا؛ لكنَّ التطوراتَ العسكريةَ الأخيرةَ في المدينةِ، وتحديدًا سيطرةُ ميليشياتِ الدعمِ السريعِ على مقرِّ الفرقةِ السادسةِ مشاةٍ، قد فتحتْ بابًا لمرحلةٍ أخطرَ مما كنا نتصوّرُ. وما صاحَبَ هذا التقدّمَ من جرائمَ مروّعةٍ بحقِّ المدنيينَ العُزَّلِ، من قَتلٍ وتهجيرٍ قسريٍّ، وعنفٍ جنسيٍّ مروعٍ، ونهبٍ مَمنهجٍ، وجرائمٍ على أساسِ الهويّةِ، واعتداءٍ على المستشفياتِ والمؤسساتِ المدنيةِ، في انتهاكٍ صارخٍ لكلِّ مبادئِ الإنسانيّةِ والقيمِ الشرعيّةِ، ويُعدُّ أفعالًا تُرقِي إلى مستوىِ الجرائمِ ضدَّ الإنسانيّةِ وجرائمِ الحربِ، وتستلزمُ توثيقًا ومحاسبةً دوليّةً وقضائيّةً فوريّةً.

وهذهُ الجرائمُ ليستْ أحداثًا معزولةً وليدةَ الظرفِ الحالي، بل هي حلقةٌ في مخطّطٍ أشملَ يسعى لتفتيتِ وحدةِ السُّودانِ ونهبِ ثرواتهِ ومواردهِ وطمسِ هويّتهِ الجغرافيّةِ والتاريخيّةِ؛ ومن هنا تبرزُ خطورةُ اللحظةِ، وتقتضي أنْ نكونَ جميعًا على قدرِ المسؤوليةِ، فلا نفرّطُ في الوطنِ ولا نتركُ لأعدائِنا فرصةَ تنفيذِ مخططاتِهم.

لذلكَ أوجّهُ هذا النداءَ الحاسمَ:

أوَّلًا — نداءٌ للشعبِ السودانيّ:
قوموا إلى واجبِكم الوطنيِّ والإنسانيِّ بحزمٍ ووعيٍ ومسؤوليةٍ، فأدعو شيوخَ القبائلِ، وأهلَ المدنِ، والمؤسّساتِ الأهليّةَ، والشبابَ، والنساءَ، وكلَّ قوى المجتمعِ المدنيِّ إلى إعلانِ نفيرٍ عامٍّ منظّمٍ يتجلّى في: تشكيلِ لجانٍ محليّةٍ للإغاثةِ والإسنادِ، وإقامةِ شبكاتٍ لتأمينِ الممرّاتِ الإنسانيّةِ، ودعمِ الكوادرِ الطبيّةِ والتمريضيّةِ، وحمايةِ السُكّانِ المدنيّينَ، مع توثيقٍ محكمٍ للانتهاكاتِ لتكونَ ملفًّا جنائيًّا أمامَ العالمِ؛ فلتكن هذه التعبئةُ المدنيةُ وسيلةَ حمايةٍ للناسِ وإعلاءٍ لكرامتِهم.

ثانيًا — نداءٌ للحكومةِ والقيادةِ العسكريةِ الشرعيةِ:
نطالبُ بإعلانِ حالةِ طوارئٍ وطنيّةٍ واتخاذِ إجراءاتٍ فوريّةٍ لحمايةِ المدنيينَ وإعادةِ فرضِ سيادةِ الدولةِ حيثما أمكن، وتأمينِ خطوطِ الإمدادِ لإعادةِ الكرَّةِ واستردادِ زمامِ المبادرةِ الميدانيّةِ والعسكريّةِ، وتفعيلِ آلياتِ التنسيقِ مع الفاعلينَ المحليّينَ لحمايةِ المنشآتِ الحيويّةِ؛ وعلى الحكومةِ أن تُظهرَ إرادةً حازمةً لحشدِ كلِّ الطاقاتِ من الجيشِ والمستنفرينَ والحراكِ الشعبيِّ والأهليِّ في وجهِ مخطّطِ التقسيمِ والاحتلالِ بالوكالةِ.

ثالثًا — نداءٌ للقوىِ السياسيةِ والمجالسِ التقليديّةِ والأحزابِ والعلماء والمشايخِ:
انفضّوا عن اختلافاتِكم الجزئيّةِ، وضعوا مصلحةَ الوطنِ فوقَ كلِّ اعتبارٍ، فإنَّ الوحدةَ الداخليةَ هي سلاحُنا الأولُ في مواجهةِ مخطّطاتِ التفتيتِ، ولا وقتَ للتردّدِ أو الحساباتِ الضيّقةِ.

رابعًا — نداءٌ صريحٌ وموجَّهٌ إلى الشعوبِ والدولِ العربيةِ والإسلاميّةِ:
إنّ ما يجري في السودانَ هو تهديدٌ للأمنِ القوميّ العربيّ والإسلاميّ، لذلك فإننا نناشدُ الشعوب العربية والحكومات الإسلامية والمؤسساتِ النزيهةَ أن تقفَ — بشجاعةٍ ووضوحٍ — إلى جانبِ شعبِ السودانِ: بدعمٍ إنسانيٍّ عاجلٍ عبر قنواتَ موثوقةٍ، وبضغوطٍ سياسيةٍ ودبلوماسيةٍ تدفعُ لوقفِ أيِّ تواطؤٍ أو دعمٍ لقوى تهدّدُ أمنَ المنطقةِ. واعلموا أنّ حمايةَ السودانِ اليومَ حمايةٌ لأمنِكم ومستقبلِكمِ الإقليميّ، فالخطرُ لن يقفَ عندَ حدودهِ إنْ سُمِحَ لهُ بالاستمرارِ.

خامسًا — نداءٌ للإعلامِ والفضاءِ الرقميِّ والعلماءِ والدعاة والحقوقيّينَ:
اكسروا حاجزَ الصمتِ، ووثّقوا الحقائقَ، وانقلوها بمهنيّةٍ ومصداقيّةٍ، فالتجريمُ الإعلاميُّ للجرائمِ وضغطُ الرأيِ العامِّ هما من أسرعِ الطرقِ لردعِ المتورِّطينَ، ولذلكِ نطالبُ الإعلامَ أن يكونَ أداةً لحمايةِ المدنيينَ لا لبثِّ الفتنةِ، وأن يعملَ مع منظماتِ الحقوقِ لرفعِ صوتِ الضحاياِ والمطالبةِ بالمساءلةِ.

سادسًا — التوثيقُ والمساءلةُ:
نهيبُ بالمنظماتِ الحقوقيّةِ والوطنيةِ أن تُسارعَ إلى توثيقِ الجرائمِ وإعدادِ ملفاتٍ متكاملةٍ لعرضِها على آلياتِ العدالةِ الدوليةِ والجهاتِ القضائيّةِ المختصّةِ، حفاظًا على حقِّ الضحاياِ في القصاصِ والعدالةِ، وعلى أنْ يكونَ التوثيقُ عملاً مهنيًّا يُقدّمُ الدليلَ دونَ تزييفٍ أو تحريف.

يا أهلَ السودانِ: هذه لحظةُ اختبارٍ لا مكانَ فيها للانعزالِ أو التواطؤِ، وإنّ استعادةَ المبادرةِ وإعادةَ الكرةِ لقطعِ حبلِ المؤامرةِ تتطلّبُ عزيمةً وصفًا واحدًا وإرادةً لا تلينُ؛ فلتكنْ أفعالُنا اليومَ — لا أقوالُنا — هي التي تكتبُ تاريخَ هذا الجيلِ: حمايةُ الناسِ، صونُ السيادةِ، وإفشالُ مخطّطاتِ التفكيكِ بكلِّ الوسائلِ الوطنية المشروعة.

اللهمّ ارفعِ البلاءَ عن السودان، واحفظْ أهله، واجمعْ كلمتَهم على الحقّ، وادفعْ عنهم الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطن، واهدِ قادتهم للرشاد، واكفِهم شرّ المتربّصين، وكنْ لإخوانِنا في الفاشر وسائرِ دارفور ناصرًا ومعينًا، برحمتك يا أرحمَ الراحمين.

والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!