أسامه عبد الماجد يكتب: البرهان.. كيف سيتفاوض؟

0 طالما تواصل الحكومة التزام الصمت وعدم الوضوح بشأن ” الرباعية ” وطبيعة التعامل معها.. يصبح من المهم طرح تساؤل جوهري، كيف سيتفاوض الرئيس البرهان ؟ والأهم من ذلك مع من ؟ وهو سؤال سنتجاوزه الأن.. لكن من المرجح أن يستند الرئيس، في أي عملية تفاوض سياسي إلى مسارين من الشرعية.. العسكرية بصفته القائد العام للقوات المسلحة.. و السياسية كرئيس لمجلس السيادة.. ويهدف هذا المزيج إلى تكريس دور المؤسسة العسكرية كفاعل رئيسي في المرحلة الانتقالية أو ما بعدها.
0 لكن شكل التفاوض سيتوقف بدرجة كبيرة على الوضع الميداني.. إذا كان الجيش في موقع قوة، فمن المتوقع أن يتفاوض البرهان من موقع المنتصر.. ساعياً إلى فرض شروطه.. أما إذا لم يحدث تقدم في الميدان.. فسيعتمد على خطاب تصالحي علني، مع الإبقاء على تشدد ميداني.. بهدف امتصاص الضغوط الداخلية والخارجية وكسب الوقت.
0 ولكن كيف سيكون الوضع لو تم التفاوض وفق خارطة طريق ” الرباعية “.. والتي تشمل هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر لتمكين وصول المساعدات العاجلة.. وقف دائم لإطلاق النار لاحقاً.. عملية انتقال سياسي شاملة خلال تسعة أشهر تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية موسعة.. استناداً إلى هذه الخارطة، من المتوقع أن يحرص البرهان على.. تثبيت موقعه كطرف رئيسي لا يمكن تجاوزه في أي تسوية.. تقديم الجيش كشريك شرعي في الحل.. الضغط لضمان دور فاعل للمؤسسة العسكرية في المرحلة الانتقالية.. خاصة وان العسكريين تجاوزوا من قبل مرحلة صعبة جدا ابان ضغط ” القحاتة” عليهم بواسطة تحريك الشارع تلك الحقبة الغابرة.
0 من الأهمية بمكان التأكيد على السيادة الوطنية ورفض الإملاءات الخارجية أو الوصاية الدولية.. هذة من القضايا الجوهرية في أي تفاوض مستقبلي، الى جانب حماية المؤسسة العسكرية والأمنية من التفكيك أو الإقصاء.. واي تفريط في هذا الأمر سيجابه البرهان بهواء ساخن ليس من داخل القوات المسلحة وحدها بل حتى بواسطة جهاز المخابرات.. الذي اصبح قوة فاعله بدوره الكبير في مجريات المعركة.
0 نضع احتمال ان البرهان سيلجأ لاسلوب براغماتي مرن.. وهو القبول بالهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر دون شروط معقدة.. الانخراط في مفاوضات مباشرة مع الأطراف المدنية ومليشيا اوباد دقلو الارهابية برعاية دولية وإقليمية.. القبول بعملية انتقال خلال تسعة أشهر مع تعديلات محدودة.. وقد يحاول استثمار دعم الرباعية للحصول على ضمانات.. تجعله حاضراً في المشهد السياسي.. وبذلك يبقى الجيش فاعلاً.. ويتمكن من ذلك تخفيف الضغط الدولي.. وبدء مرحلة تهدئة سياسية وميدانية.. وإن كان مستقبل البرهان في هذه الحالة يظل غامضاً وقد يغيب عن المشهد.
0 أما إذا اختار نهجاً متشدداً أو متحفظاً، فسيكون السيناريو مختلفاً.. حيث قد يربط الهدنة بشروط أمنية صارمة.. يرفض انتقال سريع للسلطة المدنية من دون ضمان دور حاسم للجيش.. المطالبة بتمديد الجدول الزمني للانتقال.. الاعتراض على تدخل الرباعية والمطالبة بمفاوضات “سودانية خالصة”.. وهنا ستكون النتيجة المحتملة مفاوضات بطيئة، تصاعد الضغوط الدولية.. احتمال فرض عقوبات إضافية، واستمرار التصعيد العسكري.
0 حسناً.. لو سألتني عزيزي القارئ كيف يفاوض البرهان ؟.. اقول عليه أن يسعى إلى توسيع دائرة التفاوض عبر إشراك أطراف إقليمية مثل قطر وتركيا ودولية مثل روسيا والصين.. لتعزيز موقفه التفاوضي. كما يركز على مبدأ السيادة الوطنية ورفض أي وصاية خارجية مباشرة.. وهو الموقف الذي يتماشى مع الموقف المصري منذ بداية التمرد الداعم بقوة لمؤسسات الدولة السودانية وفي مقدمتها القوات المسلحة. هذا التوجه سيمنحه دعماً شعبياً داخل الشارع والمؤسسة العسكرية.
0 كما على البرهان ربط أي هدنة إنسانية بضمانات أمنية واضحة.. مثل حماية مواقع الجيش أو إعادة انتشار محددة.. المحافظة على حماية موقع المؤسسة العسكرية في المعادلة السياسية.. ورفض أي تدخل يُضعف سلطات الجيش.. وهذا مافعله الجيش المالاقاشي.. ففي مدغشقر خرج الشباب للشارع منذ نحو شهر حتى هرب الرئيس خارج البلاد.. وتسلمت القوة الخاصة في الجيش بقيادة عقيد السلطة قبل ثلاثة ايام.. وأدى قائدها اليمين الدستورية أمس رئيساً.
0 كما عليه ان يعمل على تعديل الجدول الزمني للانتقال.. بإدخال ضمانات دستورية تحافظ على مكانة الجيش.. مثلما فعل رئيس مدغشقر الجديد العقيد مايكل.. حين رفض مطلب المحكمة العليا بإجراء انتخابات خلال 60 يوما.. وشدد على ضرورة تنفيذ إصلاحات ضرورية.. ووعد بإجراء انتخابات خلال عام ونصف العام إلى عامين.
0 ومهما يكن من أمر.. فإن القاعدة الشعبية الواسعة التي تحظى بها القوات المسلحة تبقى ركيزة أساسية يمكن أن يعتمد عليها البرهان بثقة في أي سيناريو تفاوضي قادم.
السبت 18 اكتوبر 2025
osaamaaa440@gmail.com