الأمير/ عبد القادر.. رحيل زعامة من الحكمة والموقف

أسرة “الشعب” تحسب الأمير/ عبد القادر
في زمن تتقاذفه رياح الفتنة والانقسام، وتتشابك فيه خيوط الحرب والمؤامرة ، برز رجال اثبتوا أن القيادة ليست لقباً يمنح، بل مسؤولية تحمل على الكتفين، وموقف يتخذ في وجه العاصفة. ومن هؤلاء الأمير عبد القادر منعم منصور، امير عموم قبائل دار حمر، الذي جسد معنى الزعامة الأصيلة المتجذرة في الأرض والقيم الذي رحل عن الفانية اليوم
حين تعالت الأصوات وتفرقت المواقف، وقف الأمير/ عبد القادر منعم منصور بثبات الرجال الذين يعرفون معنى الانتماء، معلناً أن قبائل الحمر مع الدولة ومع الجيش السوداني. لم يكن ذلك شعاراً سياسياً، بل إعلاناً لمبدأ وطني صريح، عبر به عن إيمان راسخ بأن القبائل هي عماد الوطن، وأن الأمن لا يصان إلا بتكاتف الجميع خلف مؤسسات الدولة.
عرفه الناس في النهود ودار الحمر رجلاً حكيماً، يستمع قبل أن يتكلم، ويصلح قبل أن يحكم. قاد الحوارات الصعبة حول قضايا الأرض والحدود والعدالة الإدارية بروحٍ وطنية مسؤولة، مطالباً بحقوق أهله دون أن يفرط في وحدة السودان. كان صوته عاقلاً وسط ضجيج الانفعالات، يدعو إلى التهدئة والتفاوض، ويرى أن السلاح لا يبني الأوطان بل يهدمها.
لم يكن الأمير/ عبد القادر منعم ناظراً على قومه فحسب، بل كان اخاً اكبر لهم، يحمل همومهم في المحافل الرسمية، ويدافع عن مصالحهم في وجه التقصير والإهمال. عمل على رتق النسيج الاجتماعي بين القبائل، وسعى لتقوية البنية الاقتصادية والاجتماعية في منطقته، مؤمناً بأن الكرامة لا تنال إلا بالاستقرار والتنمية.
ورغم ما تعرض له من ضغوط واستهداف مباشر، من مليشيا اولاد دقلو الاجرامية ظل الأمير ثابتاً لا يلين. لم تضعف عزيمته محاولات التخويف ولا الهجمات الغادرة. بل ازداد حضوراً وتأثيراً، لأن القائد الحقيقي يعرف في الشدائد لا في الرخاء.
إن الحديث عن عبد القادر منصور هو حديث عن مدرسة في القيادة، وعن رجل جمع بين أصالة القبيلة ورؤية الدولة، بين الصرامة في الموقف واللين في المعاملة. هو أحد أولئك الذين اناروا الطريق في عتمة الأيام، فيذكرون الناس بأن السودان، مهما اشتدت أزماته، لا يزال ينجب رجالا من معدن نادر من امثال عبد القادر.
نحن في اسرة صحيفة “الشعب” وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره نحتسب فقيدنا الغالي، الزعيم الأهلي الكبير، ابونا الأمير عبد القادر الذي أفنى عمره في خدمة الوطن والأهل رحل الجسد وبقي الأثر، وستظل سيرته الطيبة وعطاؤه محفورين في ذاكرة كل من عرفه. ففي أمثاله تستمد الأمة عزيمتها، وبأمثاله يصان النسيج الاجتماعي
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون




