اسامه عبد الماجد يكتب: ماوراء اتهامات الإمارات

¤ للوهلة الأولى يبدو صراخ الإمارات – والذي لايزال مستمرا حتى امس الجمعة – بشان مزاعم قصف الطيران الحربي مقر اقامة سفيرها بحي الراقي بالخرطوم مدعاة للسخرية والتهكم.. فمليشيات وعصابات حميدتي اعتدت على كل مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والاقليمية وقامت بنهبها.. وجميعها منصوبة فيها كاميرات مراقبة وبعضها (متصل) بدولهم في الخارج.. ومما لا شك فيه شاهدوا الجنجويد، يستولون على كل شئ.. وربما استخدموا (العباءة الخليجية)، (كدمول).. ولم يحركوا ساكنا..
¤ لكن لنفنرض ان القوات المسلحة دمرت المبني تماما.. وهو ما لم يحدث من خلال تأكيدات القوات المسلحة والخارجية.. ولا يخالجني ادنى شك ان المقر اصبح يشكل خطرا امنيا. ومستغل من جانب المليشيا.. كمركز انطلاق ونقطة تجمع.. لأن المقر مملوكا للشهيد المقدام الفارس المهندس/ جمال زمقان. الذي قاتل عناصر برابرة المليشيا، قتال الأبطال حتي نفدت ذخيرته وهو يدافع عن داره.. رحل زمقان شهيدا مقبلا وليس مدبرا في واحدة من ملاحم الوطنية والبسالة ضمن مجاهدات معركة الكرامة..
¤ قلت ءلك لأن منازل زمقان يدتتمتع بدرجة عالية من التأمين وبها (بدروم) في مساحة شاسعة ومهيأ.. وزمقان استسهد في المنزل الملاصق لمقر السفير الاماراتي من ناحية الغرب وبين البيوت قبو سرى تحت الارضو ويمتد حتى ثالث منزل.. تمكن من الحركة بسهولة دون الخروج الى الشارع وتوجد غرف صغيرة للمراقبة مثل الثكنات العسكرية.
¤ لا اعتقد وجود منازل تتمتع بهذة الدرجة العالية من التأمين كما هي بيوت زمقان لا تستغلها المليشيا وذلك لان زمقان استصحب معه حسه الامني العالي عند تشييدها.. وهو كان نائبا للمدير العام الاسبق لهيئة التصنيع الحربي، و أحد المؤسسين الاوائل للصناعات الدفاعية واشرف على تأسيس مجموعة جياد الصناعية
¤ لكن لنترك كل ذلك جانبا ولنبحث عن سبب تضخيم الأمارات للامر وحشدها عشرات الدول والمنظمات لتأييدها وتقديمها الشكر لهم.. يعود السبب في تقديري لتحريض المجتمع الدولي لتوسيع نطاق حظر توريد الاسلحة الى دارفور والمفروض منذ 12 سبتمبر 2005 بموجب القرار (1591).. ويشمل كذلك حظر سفر بعض الشخصيات والمؤسسات، وتجميد الأصول.. وتم تمديده الشهر الماضي.. ولو تذكرون في اول ردة فعل من المليشيا على لسان الانتهازي الباشا طبيق وصف القرار بأنه مخيب لآمال الشعب السوداني الذي كان يتوقع إصدار قرار جديد لحظر توريد الأسلحة إلى كل أنحاء السودان وليس إلى دارفور وحدها.
¤ وكان تبرير الجنجويدي الرخيص أن الحرب امتدت إلى جميع ولايات السودان، .. اما الجنجويدي الآخر عضو السيادي المقال الطاهر حجر طالب قبل صدور قرار التمديد بايام ، بفرض حظر للطيران في السودان، متهما الجيش بقصف المدنيين في عديد من المواقع وذلك في مقابلة صحفية معه.
¤ لذلك منذ اعلان الامارات قصف مقر سفيرها قبل ستة ايام واصلت التصعيد بشكل يدعو للريبة.. وامس الجمعة على لسان مساعد وزير خارجيتها للشؤون الأمنية والعسكرية سالم سعيد غافان الجابري.. (توقفوا قليلا عند صفة الرجل).. اعلن سالم مجددا استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة بلاده في الخرطوم.. واستوقفني في تصريحه ثلاثة معلومات.. الاولى دعوته خبراء الأمم المتحدة لمراجعة الأدلة وفحص الأضرار الناجمة عن الاستهداف.. وهي دعوة مبطنه للتدخل الدولي وتوسيع قرار الحظر ليشمل كل السودان.
¤ المعلومة الثانية قال المسرول الاماراتي ان القصف ادى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى والمرافق المحيطة به.. ولو صح زعمه فالمرافق المحيطة هي منزلي الشهيد زمقان مايؤكد وجود المليشيا بحي الراقي.. المعلومة الاخيرة ان سالم تحدث بلغة جريئة وهي المرة الاولى التي يتحدث فيها مسؤول اماراتي بهكذا لغة.. حيث اعتبر قصف القوات المسلحة السودانية، محاولة بائسة للتهرب من المسؤولية القانونية والأخلاقية عما يجري في السودان من كارثة إنسانية وتضليل المجتمع الدولي، وصرف الانتباه عن المعاناة التي يدفع ثمنها السودانيون، والتملص من الاستحقاقات التي تفرضها الجهود الدولية المبذولة لإنهاء هذا النزاع الذي طال – بحسب وصفه -.
¤ ومهما يكن من امر.. على الحكومة الانتباة.. فالتصعيد جاء عقب الانتصارات الباهرة التي حققها الجيش.. والتي ينبغي ان لا تصرفنا عن المعركة الدبلوماسية.




