رأي

اسامه عبد الماجد يكتب: بورتسودان.. (إلا من أبى)

¤ قرأت مقترح مشروع التوافق الوطني، الذي طرح مؤخرا بمدينة بورتسودان.. وفور فراغي من مطالعته وهو مكون من (14) صفحة، استغربت للكتابات السطحية بشأنه وتأكدت ان كل من ادلى بدلوه كتب عن جهل أو غرض.. والفرضية الاخيرة هى الأرجح عند تقييم ماكتب والنظر لدوافعه.. يكفى ان المقدمة شددت على وحدة السودان
ورفض أي سياسات أو اتفاقيات تهدد وحدة البلاد. وبشأن السيادة الوطنية، رفض أي تدخل خارجي في شؤون البلاد الداخلية.
¤ ودققت في فقرة (الفترة التأسيسية الانتقالية)
والتي حدد لها ان تبدأ الفترة الانتقالية بفترة تمهيدية لا تتجاوز مدتها عاماً واحداً تنتهي بنهاية مؤتمر الحوار السوداني – السوداني وإجراء التعديلات المطلوبة على الوثيقة الدستورية.. وحددت أهداف الفترة بدقة (تهيئة الأجواء للحوار السوداني، وقف الحرب، ردع العدوان الخارجي، تعيين حكومة من كفاءات وطنية (يعني المجتمعون في بورتسودان لن يحكموا وحدهم كما توهم البعض)..
¤ كما لم تحدد وثيقة المشروع مدة الفترة الانتقالية وترك الامر لمؤتمر الحوار السوداني.. بمعنى ان مقترح اربعة سنوات الذي ذكره اردول ” يخصو هو” وكذلك مدة الخمس سنوات التي اشار اليها الناظر ترك.. وتحددت المهام الرئيسة للفترة الانتقالية في اكثر من (15) بندا.
¤ منها انفاذ مخرجات مؤتمر الحوار السوداني – السوداني.. عقد المؤتمر القومي الدستوري، صياغة الدستور الدائم للبلاد وإجازته عبر استفتاء شعبي.. البدء في إعادة اعمار ما دمرته الحرب.. معالجة أوضاع المتضررين من الحرب.. معالجة قضية الشرق، عبر منبر تفاوضي مرضي لأهل شرق السودان، مراجعة قانون الجنسية، وضبط وتقنين الوجود الأجنبي في البلاد
¤ وشدد مشروع المقترح على أهمية دور القوات المسلحة في المرحلة الانتقالية.. ليس من باب ” كسير التلج”.. برروا ذلك بان السيولة الأمنية التي تميز الفترة الانتقالية.. تستلزم مشاركة القوات المسلحة في السلطة لحماية هذه الفترة بشكل متوازن مع التطور الديمقراطي.. وتم التشديد على محدودية الدور بان ينتهي بنهاية الفترة الانتقالية بتسليم السلطة لحكومة منتخبة ” كلام ذي الفل”.. والاشارة الى ان استثنائية الظرف الانتقالي وخاصة بعد تمرد مليشيا الدعم السريع وما صاحبه من مهددات، يقتضي تمثيل القوات المسلحة لاستكمال الانتقال.
¤ وبعكس دعوات “عسكرة مجلس السيادة”.. حوى مشروع المقترح تشكيل مجلس السيادة من أعضاء عسكريين ومدنيين مع مراعاة التنوع وتمثيل المرأة والشباب.. وبشأن السلطة التنفيذية:
تشكيل حكومة وحدة وطنية من كفاءات دون محاصصات حزبية.. وان يتمتع اعضاء الحكومة بالمؤهلات العلمية والكفاءة والخبرة والتجربة والتوجه
¤ واعجبني نص مفادة: (ملاحقة ومحاكمة المتورطين في اشعال ودعم حرب 15 ابريل والذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والذين قاموا بأفعال من شانها تدعيم الحرب التي شنتها مليشيا الدعم السريع).. وهو نص لن يعيد التركة الثقيلة لفترة ماقبل الحرب.
¤ وحوى المشروع نصوصا ممتازة عن السياسة الخارجية.. مثل الدعوة لاتباع سياسة حسن الجوار مع كافة الدول وعدم التدخل في شئون الآخرين رفض ومناهضه كافة اشكال التدخلات الخارجية السالبة في شؤوننا وبصفة خاصة تلك التي تنتهك سيادة البلاد وقرارها الوطني..ومع ذلك تنتقد اقلام مأجورة ملتقى بورتسودان الذي يسعى لتحصين البلاد من العمالة والارتزاق.
¤ الاروع في المشروع ضمن بند مهام القوات المسلحة تشدده ان تكون على مسافة واحدة من كافة القوى السياسية والمجتمعية مع الدعوة لاصلاحها وبناء جيش يضم الحركات وكافة القوة الحاملة للسلاح.. (والعبارة واضحة).. وبشأن جهاز المخابرات، حددت مهمته في جمع المعلومات وتحليلها ورفعها للجهات المختصة.. وأي مهام أخرى يحددها قانونه والقوانين الأخرى ذات الصلة.. (بمعنى منحه صلاحيات واسعة بالقانون).. ¤ وتم افراد مساحة مقدرة للحوار السوداني – السوداني.. ان يكون شاملا دون اقصاء لاحد إلا من صدرت بحقه أحكام بموجب القانون تحت طائلة جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية او جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان او جرائم الإبادة الجماعية.. ان يكون مكان الحوار داخل السودان.
¤ ودعا مشروع التوافق الوطني لمكافحة الفساد وإزالة التمكين (في العهدين حكومات الانقاذ والفترة الانتقالية) – هكذا ورد النص – وشدد على الرفض المطلق للمحاكمة ذات الطابع الانتقامي أودون سند توجيه الاتهامات الجزافية لأي طرف أو فرد دون سند.. وشدد المشروع على سن التشريعات وتطبيق القانون الصارم على مروجي الاشاعات وإشانة سمعة الاخرين دون وجه حق مع ضرورة الاحتكام للقضاء.
¤ وفي صفحته الاخيرة القول الفصل حيث ورد الاتي ( يُمثل هذا الجهد ثمرة حوار بين مجموعة من القوى السياسية والمجتمعية، وهو ليس نهائيًا، بل مفتوحًا أمام مختلف القوى السياسية والمدنية للمساهمة في تطويره).. بصراحة لم اقرا عملا متكاملا منذ فترة مثل مشروع التوافق.. تستحق الجهات المنظمة للمحفل السياسي والمجتمعي وكل المشاركين التحية.
¤ ومهما يكن من امر .. اودع ملتقى بورتسودان رسالة في بريد الخارج ان الحل من الداخل.
* الاثنين 17 فبراير 2025
Osaamaaa440@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!