أسامه عبد الماجد يكتب: مابعد الفاشر

0 آن الأوان أن نتجاوز صدمة الفاشر ونحولها إلى محطة وطنية فاصلة.. ما حدث في المدينة الصامدة ليس حادثاً عابراً، بل اختباراً لصدق الدولة والمؤسسات والمجتمع.. وليس مجرد معركة عسكرية، بل محطة فاصلة بين وطن يختار المواجهة بشرف.. وآخر ينهار تحت تواطؤ الصمت والنفاق. الفاشر ليست مجرد مدينة.. هى لن تنسى ولن تمحى من الذاكرة الوطنية.. لأنها رمز لصمود أسطوري.. ضد مشروع تفكيك السودان وتحويله إلى مجموعات عرقية وموطن لمليشيات جنجويدية تدار من الخارج.
0 الفرصة الآن أكبر من أي وقت مضى لفضح من باركوا الحرب من الجماعة الوضيعة المسماة “قحت” التي غيرت لونها الى تقدم وصمود مثلها وزوجة لاعق أحذية أولاد دقلو الذي بارك دخول الجنجويد الي فاشر السلطان أرض المحمل ومدينة السلاطين.. وهم يرون دماء الأبرياء العزل تسيل في الطرقات، هو وجماعته في قحت دعموا و شرعنوا القتل. بعد ان ظلوا يختبئون خلف شعارات كاذبة ويصرخون “لا للحرب” .. وليعلم الجميع أن الصمت أمام الجريمة جريمة، وأن من يقتل المدنيين لا يُفاوض، ومن يبرر القتل لا نقول له “معليش”.. تذكرت انهم السفلة صنعوا شعار “معليش معليش ماعندنا جيش”.. وهم يعدون العدة لأبريل 2023.
0 الدرس المستفاد ان المليشيا لم تهاجم الفاشر فقط.. بل هاجمت فكرة الدولة السودانية الواحدة.. فكرة الانتماء إلى هوية جامعة لا تميز بين قبيلة وأخرى.. فكرة السودان الذي عرضوه للبيع.. لأن الفاشر ليست مروي او الخرطوم.. والدرس المستفاد كذلك ان المجتمع الدولي الذي رأى كل شئ، وسجل كل شئ.. اكتفى بالتعبير عن “القلق” وبالتالي هو شريك في الجريمة بالصمت والتواطؤ.
0 لقد آن الأوان لأن نُسمي الأشياء بأسمائها هناك دول تمول المليشيا.. وهناك من يغض الطرف لأنها تخدم مصالحه في إضعاف السودان وإبقائه في دائرة النزاعات.. لكننا نقول ان الفاشر ليست نهاية الطريق بل بدايته من جديد.. من تحت رمادها يمكن أن يولد وطن جديد أكثر وعياً وشعبه اكثر وطنية وصلابة.. شرط أن ندير المعركة القادمة بعقل الدولة لا بردة الفعل.
0 لا نريد ممارسة وصاية ولكن ننصح بعضنا بعض في الاعلام.. ولهذا فإن مسؤولية الإعلام – ولا اعني اعلام التكتلات خلف القيادات والممول بالدولارات.. بل الاعلام الوطني بتبني خطاب جامع يفضح المليشيا، ويفكك دعايتها، ويعيد تعريف الحرب بأنها حرب وجود لا حرب سلطة.. وينسف الكلام الفارغ انها “صراع بين جنرالين” .
0 يجب أن تتحرك الدبلوماسية السودانية ويتم تفعيل الدبلوماسية الرئاسية.. وان تتحول الخارجية الي مايشبهة وحدة التحكم والسيطرة.. وان يتم تفعيل السفراء في كافة المحطات مثلما فعلت كلا من روسيا واوكرانيا.. وان يتم اعادة اي متخاذل فوراً دون تقيد بالاعراف الدبلوماسية.. نريد ان تصل الجرائم الوحشية للمليشيا موثقة لكل العالم مع تسمية الدول والأطراف المتورطة،
0 حان وقت القوى السياسية لتعلن موقفها إما أن تكون في صف الوطن، أو في صف من يذبحونه.. لا مجال للمناورات الرمادية ولا للبيانات المترددة.. التخاذل أمام جريمة وطنية ليس رأيا بل خيانة.. على الأحزاب الوطنية أن تعلن موقفا صريحا من المليشيا ومن داعميها المحليين والخارجيين.. وأن تشارك بفاعلية في بناء جبهة داخلية متماسكة تحمي وحدة البلاد.
0 املنا كبير في وحدة الداخل قبل أي اتجاه خارجي.. الانشغال بالتحالفات الخارجية لا يعوض فراغ التماسك الوطني.. القوة الحقيقية تأتي من مجتمع متحد ومؤسسات مدنية وسياسية متماسكة.. على القوى السياسية والوطنية أن تستفيق من سباتها، وأن تضع الوطن فوق أي خلاف شخصي أو أيديولوجي.. وان لا تنتظر مكافأة من القيادة ومجلس السيادة، المكافأة الحقيقية من الشعب يوم يقف عند صناديق الاقتراع ليجازي من أخلص للوطن.
0 جاءت اللحظة لتدرك الادارات الاهلية ان المليشيا تستهدف العِرق والإنسان.. لا “الكيزان” كما تزعم.. لن نقبل أن تصبح دماء الضحايا عنوانا للتفريط أو وسيلة للمكايدة العنصرية.. وعليهم تبني مبادرات مجتمعية لمنع التحريض.. وإيقاف تداول السلاح خارج إطار الدولة.
0 حسناً.. ما تحتاجه البلاد اليوم وعي يدرك أن الحروب لا تكسب في الميدان فقط، بل في التماسك والتعاضد والصبر.. المرحلة القادمة تتطلب تحلي القيادة بالصراحة بذات مستوى الشجاعة التي تظهرها.. لقد آن أوان الفعل لا البيانات، والاصطفاف لا التبرير او التخذيل.
0 ومهما يكن من أمر .. إما أن نكون جميعاً في صف الوطن.. أو نُكتب في سجل العار مع من باعوه !!.
الثلاثاء 28 اكتوبر 2025
osaamaaa440@gmail.com
 
				



