أسامه عبد الماجد يكتب: الفاشر.. تربّت على الكبرياء

0 في قلب دارفور حيث تمتزج رائحة التاريخ بعزيمة الرجال.. تقف فاشر السلطان شامخة كعادتها، تكتب بدماء أبنائها وتضحيات “الميارم” فصلاً جديداً من فصول المجد.. هى قلعة الصمود وعنوان البطولة، منذ اندلاع الحرب، أحاطت بها الميليشيات الإجرامية لأولاد دقلو”.. ظناً منهم أن الحصار والجوع والقصف قد يركع المدينة، لكنهم جهلوا أن الفاشر لا تركع.. مهما كان ومهما اصابها من ابتلاء لأنها تربت على الكبرياء منذ عهد السلاطين.
0 منذ أن بدأت الحرب، والفاشر تضرب للعالم أروع الأمثلة في الثبات والتحدي.. رغم الحصار الخانق ونقص الغذاء والدواء، ورغم القصف اليومي والدمار.. ظل أهلها صامدين صابرين يتقاسمون اللقمة والماء يتبادلون العزيمة والدعاء.. تلك الميارم اللاتي يخبزن تحت القصف.. والرجال الذين يرابطون في المتاريس بأيديهم القابضة على البندقية والإيمان.. هم الصورة الحقيقية لوطن لن يهزمة الجنجويد واعوانهم الرخيصين من امثال زوج تسابيح، الذين لايعرفون معنى الشرف.. التحية لكل من في الفاشر، إلى كل من صمد وجاع ولم يركع.. والخزي لمن شبع وانكسر.. تربى اهل الفاشر على “العِزة” وتربى آخرين على “الذِلة”
0 على مدى شهور طويلة، ظلت القوات المسلحة والقوات المشتركة والمستنفرين ورجال الفاشر الأبطال.. مرابطين في خطوط النار، يذودون عن المدينة شبراً شبراً.. لم تنكسر عزيمتهم رغم شح الطعام والدواء.. ولم تلين مواقفهم ولم تنحني رؤوسهم رغم أن السماء تمطر ناراً والميليشيات تحاصر الطرق الى المدينة وتقطع الإمدادات.. لقد تحمل أهل الفاشر الجوع، وعاشوا تحت القصف.. لكنهم لم يفقدوا الإيمان بأن الحق ينتصر في النهاية.
0 لم تكن مجرد مدينة، مثل بقية مدن السودان.. بل أصبحت رمزاً للوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي.. فيها اجتمع أبناء القبائل كافة تحت راية الوطن، يقاتلون كتفاً بكتف دفاعاً عن الكرامة والحرية.. والعزة والأرض والعرض.. من بين الأنقاض خرجت أصوات التكبير ومن بين الدمار نبت الأمل.. أثبتت للعالم أن دارفور ليست أرض نزاع، بل أرض بطولة وعزة وشهامة.
0 مهما اشتد الليل، على الفاشر ابوزكريا فإن فجر النصر سيقترب.. ستظل باقية، في الوجدان قبل المكان.. طاهرة نقية كما اهلها وكما عهدها التاريخ.. تحمل راية السودان شامخة رغم الجراح.. وسيذكر التاريخ أن الميليشيات مرت من هنا تحمل السلاح.. لكن الفاشر بقيت تحمل الشرف والإيمان.. هى عروس دارفور وقلعة الصمود.. ليس في قلب دارفور تتربع بل في قلب كل سوداني من فئة “الكرام” لا “اللئام”.. عروس الإقليم وسيدة المدن، شاهدة على التاريخ والعراقة، وسماحة اهل دارفور.. ومهدا للممالك التي أنارت إفريقيا يوماً بحضارتها وتاريخها
0 في كل مرة كنت ازورها اوقن انني ازور مدينة مختلفة في كل تفاصيل الحياة.. هي فاشر السلطان علي دينار، منبع السيادة والكرامة، ودار الحكمة التي جمعت بين الدين والعلم والبطولة.. من بين احيائها التاريخية ووديانها انطلقت رايات النصر، ومن ترابها الطاهر نبتت جذور الكبرياء.. ونقول للاوباش والرمم لن تموت.
0 منذ عشرات السنين كانت عاصمة سلطنة دارفور، ومركز إشعاع سياسي وثقافي واقتصادي في غربنا الحبيب.. منها امتدت القوافل التجارية والعلاقات مع ارض الحرمين وومصر وليبيا وإفريقيا الوسطى.. ولم تكن يوماً إلا حصناً للسيادة الوطنية.. يوم قاوم السلطان علي دينار “والسلاطين في هذا الزمان خشم بيوت”.. قاوم علي دينار الاستعمار الإنجليزي بصلابة الإيمان.. خط بدمه ملحمة لا تزال تتردد في ذاكرة الأحرار.
0 لم يكن دفاع القوات عن المواطنين وحدهم بل كان دفاعا عن تاريخ ناصع لمدينة عالية الهامة كما سكانها من كل أهل السودان.. رمزاً للمقاومة وراية للوطنية الخالصة.. تبدو الفاشر مدينة تقهر في ظاهرها لكنها تنتصر في باطنها.. لأن فيها قلوباً مؤمنة بعدالة قضيتها، وإيماناً بأن الله لا يخذل الصابرين.. ولن يشرب الجنجويد من آبار حجر قدو
0 ومهما يكن من امر.. ثقتنا في القيادة والجنود بلا حدود، ستظل الفاشر عنوانا للمقاومة والعزة، وعهداً على أن الشرفاء.. ممن حملوا ارواحهم على اكفهم ومهما اشتدت عليه المحن.. فقلوبهم لا تعرف الانكسار.. وحتما ستخلو المدينة من التتار وترفع فيها رايات الانتصار.
الأحد 26 اكتوبر 2025
osaamaaa440@gmail.com




